الثلاثاء، 31 مارس 2009

قصة ماشطة بنت فرعون الرائعةةةةةة::::::

مـاشطـة بنـت فــرعون
لم يحفظ التاريخ اسمها، لكنه حفظ فعلها....
امرأة صالحة كانت تعيش هي وزوجها.. في ظل ملك فرعون.
وجها مقرب منه.. وهي خادمة ومربية لبنات فرعون، منّ الله عليهما بالإيمان.. فلم يلبث فرعون أن علم بإيمان زوجها فقتله، ولكن بقيت الزوجة تعمل في بيت فرعون تمشط بنات فرعون.. وتنفق على أولادها الخمسة.. تطعمهم كما تطعم الطير أفراخها..
فبينما هي تمشط ابنة فرعون يوماً.. إذ وقع المشط من يدها..فقالت: بسم الله، فقالت ابنة فرعون: الله.. أبي؟ فصاحت الماشطة بابنة فرعون: كلا.. بل الله.. ربي.. وربُّك.. وربُّ أبيك، فتعجبت البنت أن يُعبد غير أبيها..ثم أخبرت أباها بذلك.. فعجب أن يوجد في قصره من يعبد غيره
فدعا بها.. وقال لها: من ربك ؟
قالت : ربي وربك الله فأمرها بالرجوع عن دينها.. وحبسها.. وضربها.. فلم ترجع عن دينها.. فأمر فرعون بقدر من نحاس فمُلئت بالزيت.. ثم أُحمي.. حتى غلاوأوقفها أمام القدر.. فلما رأت العذاب.. أيقنت أنما هي نفس واحدة تخرج وتلقى الله تعالى.. فعلم فرعون أن أحب الناس أولادها الخمسة.. الأيتام الذين تكدح لهم.. وتطعمهم.. فأراد أن يزيد في عذابها فأحضر الأطفال الخمسة.. تدور أعينهم.. ولا يدرون إلى أين يساقون.
فلما رأوا أمهم تعلقوا بها يبكون.. فانكبت عليهم تقبلهم وتشمهم وتبكي.. وأخذت أصغرهم وضمته إلى صدرها.. وألقمته ثديها، فلما رأى فرعون هذا المنظر..أمر بأكبرهم.. فجره الجنود ودفعوه إلى الزيت المغلي.. والغلام يصيح بأمه ويستغيث.. ويسترحم الجنود.. ويتوسل إلى فرعون.. ويحاول الفكاك والهرب وينادي إخوته الصغار.. ويضرب الجنود بيديه الصغيرتين.. وهم يصفعونه ويدفعونه.. وأمه تنظر إليه.. وتودّعه.
فما هي إلا لحظات.. حتى ألقي الصغير في الزيت.. والأم تبكي وتنظر.. وإخوته يغطون أعينهم بأيديهم الصغيرة.. حتى إذا ذاب لحمه من على جسمه النحيل.. وطفحت عظامه بيضاء فوق الزيت.. نظر إليها فرعون وأمرها بالكفر بالله.. فأبت عليه ذلك.. فغضب فرعون.. وأمر بولدها الثاني، فسحب من عند أمه وهو يبكي ويستغيث.. فألقي في الزيت.. وهي تنظر إليه.. حتى طفحت عظامه بيضاء واختلطت بعظام أخيه.. والأم ثابتة على دينها..موقنة بلقاء ربها، ثم أمر فرعون بالولد الثالث فسحب وقرب إلى القدر المغلي ثم حمل وغيب في الزيت.. وفعل به ما فعل بأخويه، والأم ثابتة على دينها.. فأمر فرعون أن يطرح الرابع في الزيت.
فأقبل الجنود إليه.. وكان صغيراً قد تعلق بثوب أمه.. فلما جذبه الجنود.. بكى وانطرح على قدمي أمه.. ودموعه تجري على رجليها.. وهي تحاول أن تحمله مع أخيه.. تحاول أن تودعه وتقبله وتشمه قبل أن يفارقها.. فحالوا بينه وبينها.. وحملوه من يديه الصغيرتين.. وهو يبكي ويستغيث.. ويتوسل بكلمات غير مفهومة.. وهم لا يرحمونه.. وما هي إلا لحظات حتى غرق في الزيت المغلي.
وغاب الجسد
وانقطع الصوت
وشمت الأم رائحة اللحم.. وعلت عظامه الصغيرة بيضاء فوق الزيت يفور بها، تنظر الأم إلى عظامه.. وقد رحل عنها إلى دار أخرى وهي تبكي.. وتتقطع لفراقه، طالما ضمته إلى صدرها.. وأرضعته من ثديها، طالما سهرت لسهره.. وبكت لبكائه، كم ليلة بات في حجرها.. ولعب بشعرها
كم قربت منه ألعابه.. وألبسته ثيابه
جاهدت نفسها أن تتجلد وتتماسك.. فالتفتوا إليها.. وتدافعوا عليها.. وانتزعوا الخامس الرضيع من بين يديها.. وكان قد التقم ثديها.. فلما انتزع منها.. صرخ الصغير.. وبكت المسكينة.. فلما رأى الله تعالى ذلها وانكسارها وفجيعتها بولدها.. أنطق الصبي في مهده وقال لها:يا أماه اصبري فإنكِ على الحق.
ثم انقطع صوته عنها.. وغيِّب في القدر مع إخوته.. ألقي في الزيت.. وفي فمه بقايا من حليبها، وفي يده شعرة من شعرها، وعلى أثوابه بقية من دمعها، وذهب الأولاد الخمسة.. وهاهي عظامهم يلوح بها القدر..ولحمهم يفور به الزيت.
تنظر المسكينة.. إلى هذه العظام الصغيرةعظام من؟
إنهم أولادها.. الذين طالما ملئوا عليها البيت ضحكاً وسرورا.
إنهم فلذات كبدها.. وعصارة قلبها.. الذين لما فارقوها.. كأن قلبها أخرج من صدرها.. طالما ركضوا إليها.. وارتموا بين يديها.. وضمتهم إلى صدرها.. وألبستهم ثيابهم بيدها.. ومسحت دموعهم بأصابعها، ثم هاهم يُنتزعون من بين يديها.. ويُقتلون أمام ناظريها..
وتركوها وحيدة وتولوا عنها.. و عن قريب ستكون معهم، كانت تستطيع أن تحول بينهم وبين هذا العذاب.. بكلمة كفر تسمعها لفرعون.. لكنها علمت أن ما عند الله خير وأبقى.
ثم.. لمّا لم يبق إلا هي.. أقبلوا إليها كالكلاب الضارية.. ودفعوها إلى القدر.. فلما حملوها ليقذفوها في الزيت.. نظرت إلى عظام أولادها.. فتذكرت اجتماعها معهم في الحياة.. فالتفتت إلى فرعون وقالت: لي إليك حاجة
فصاح بها وقال: ما حاجتك ؟
فقالت: أن تجمع عظامي وعظام أولادي فتدفنها في قبر واحد
ثم أغمضت عينيها.. وألقيت في القدر.. واحترق جسدها.. وطفت عظامها
لله درّها..
ما أعظم ثباتها.. وأكثر ثوابها..
ولقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء شيئاً من نعيمها.. فحدّث به أصحابه وقال لهم فيما رواه البيهقي: لما أسري بي مرت بي رائحة طيبة، قلت: ما هذه الرائحة؟ فقيل لي: هذه ماشطة بنت فرعون وأولادُها
الله أكبــر
تعبت قليلاً.. لكنها استراحت كثيراً..
مضت هذه المرأة المؤمنة إلى خالقها.. وجاورت ربها
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لو أن امرأة من أهل الجنة اطلعت إلى أهل الأرض لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحاً، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها
وروى مسلم أنه صلى الله عليه وسلم قال: من دخل الجنة ينعم لا يبؤس، لا تبلى ثيابه، ولا يفنى شبابه. وله في الجنة ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر..ومن دخل إلى الجنة نسي عذاب الدنيا
ولكن لن يصل أحد إلى الجنة إلا بمقاومة شهواته.. فلقد حفت الجنة بالمكاره.. وحفت النار بالشهوات.. فاتباع الشهوات في اللباس.. والطعام.. والشراب.. والأسواق.. طريق إلى النار.. قال صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين: حفت الجنة بالمكاره، وحفت النار بالشهوات

فاتعبي اليوم وتصبَّري.. لترتاحي غداًفإنه يقال لأهل الجنة يوم القيامة: سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ‏
أما أهل النار فيقال لهم: اَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُمْ بِهَا فَالْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ
صدق الله العظيم

هل تعانى من الديون؟؟؟؟؟؟؟؟؟

كثر من الناس من يعاني هذه الأيام من كثرة الديون !!!
فما الحل ؟؟؟
قال رسول الله علية الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل : ألا أعلمك دعاء تدعو به .. لو كان عليك مثل جبل احد دينا لأدى الله عنك ؟
قل يا معاذ :
اللهم مالك الملك .. تؤتي الملك من تشاء .. وتنزع الملك ممن تشاء .. بيدك الخير .. إنك على كل شيء قدير ..
رحمان الدنيا والآخرة .. تعطيهما من تشاء وتمنع منهما من تشاء .. أرحمني رحمة تغنيني بها عن رحمه من سواك
قلها بنية صادقة موقن الإجابة من مالك الملك وسترى النتيجة بإذن الله
كررها مع أدعية الصباح والمساء وتحين ساعات الإجابة .. ولا تيأس وتذكر وأنت تدعو بأنك تسال الرحيم القادر على كل شيء
والحديث مفصل :

قال رسول الله علية الصلاة والسلام لمعاذ بن جبل :ألا أعلمك دعاء تدعو به لو كان عليك مثل جبل أحد دينا لأداه الله عنك ؟ قل يا معاذ : اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشاء ، وتنزع الملك ممن تشاء ، وتعز من تشاء ، وتذل من تشاء ، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير . رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما ، تعطيهما من تشاء ، وتمنع منهما من تشاء ، ارحمني رحمة تغنيني بها عن رحمة من سواك . الراوي: أنس بن مالك المحدث: الألباني - المصدر: صحيح الترغيب - الصفحة أو الرقم: 1821خلاصة الدرجة: حسن

قصة الأبرص والأقرع والأعمى ؟ عرفنها؟؟؟؟

الأبرص والأقرع والأعمى

اقتضت حكمة الله جل وعلا أن تكون حياة الإنسان في هذه الدار مزيجاً من السعادة والشقاء ، والفرح والترح ، والغنى والفقر والصحة والسقم ، وهذه هي طبيعة الحياة الدنيا سريعة التقلب ، كثيرة التحول كما قال الأول :
طبعت على كدر وأنت تريدها
صفواً من الأقذاء والأكدار
ومكلف الأيام ضد طباعها
متطلب في الماء جذوة نار
وهو جزء من الابتلاء والامتحان الذي من أجله خلق الإنسان : {إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعاً بصيراً } (الانسان 2) .
وربنا جل وعلا سبحانه يبتلي عباده بالضراء كما يبتليهم بالسراء ، وله على العباد عبودية في الحالتين ، فيما يحبون وفيما يكرهون .
فأما المؤمن فلا يجزع عند المصيبة ، ولا ييأس عند الضائقة ، ولا يبطر عند النعمة بل يعترف لله بالفضل والإنعام ، ويعمل جاهدا على شكرها وأداء حقها .
وأما الفاجر والكافر فيَفْرَق عند البلاء ، ويضيق من الضراء ، فإذا أعطاه الله ما تمناه ، وأسبغ عليه نعمه كفرها وجحدها ، ولم يعترف لله بها ، فضلا عن أن يعرف حقها ، ويؤدي شكرها .
وقد حدثنا الرسول - صلى الله عليه وسلم- عن هذين الصنفين من الناس ، الكافرين بالنعمة ، والشاكرين لها ، في القصة التي أخرجها البخاري و مسلم في صحيحيهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن ثلاثة في بني إسرائيل أبرص وأقرع وأعمى ، فأراد الله أن يبتليهم ، فبعث إليهم ملكا ، فأتى الأبرص ، فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال : لون حسن ، وجلد حسن ، ويذهب عني الذي قد قَذِرَني الناس ، قال : فمسحه فذهب عنه قَذَرُه ، وأعطي لونا حسنا وجلدا حسنا ، قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : الإبل ، قال : فأعطي ناقة عُشَراء ، فقال : بارك الله لك فيها ، قال : فأتى الأقرع فقال : أي شيء أحب إليك ؟ قال شعر حسن ، ويذهب عني هذا الذي قد قَذِرَني الناس ، قال : فمسحه فذهب عنه ، وأعطي شعرا حسنا ، قال : فأي المال أحب إليك ؟ قال : البقر ، فأعطي بقرة حاملا ، فقال : بارك الله لك فيها ،قال : فأتى الأعمى ، فقال : أي شيء أحب إليك ، قال : أن يرد الله إلي بصري فأبصر به الناس ، قال : فمسحه فرد الله إليه بصره ، قال : فأي المال أحب إليك ، قال : الغنم ، فأعطي شاة والدا ، فأنتج هذان وولد هذا ، قال : فكان لهذا واد من الإبل ، ولهذا واد من البقر ، ولهذا واد من الغنم ، قال : ثم إنه أتى الأبرص في صورته وهيئته ، فقال : رجل مسكين قد انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي أعطاك اللون الحسن والجلد الحسن والمال ، بعيرا أتَبَلَّغُ عليه في سفري ، فقال : الحقوق كثيرة : فقال له : كأني أعرفك ، ألم تكن أبرص يَقْذَرُك الناس ؟! فقيرا فأعطاك الله ؟! فقال : إنما ورثت هذا المال كابرا عن كابر ، فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت ، قال : وأتى الأقرع في صورته ، فقال له مثل ما قال لهذا ، ورد عليه مثل ما رد على هذا ، فقال : إن كنت كاذبا فصيرك الله إلى ما كنت ، قال : وأتى الأعمى في صورته وهيئته ، فقال : رجل مسكين وابن سبيل انقطعت بي الحبال في سفري ، فلا بلاغ لي اليوم إلا بالله ثم بك ، أسألك بالذي رد عليك بصرك ، شاة أتبلغ بها في سفري ، فقال : قد كنت أعمى فرد الله إلي بصري ، فخذ ما شئت ودع ما شئت ، فوالله لا أَجْهَدُكَ اليوم شيئا أخذته لله ، فقال : أمسك مالك ، فإنما ابتليتم ، فقد رُضِيَ عنك ، وسُخِطَ على صاحبيك ).
إنها قصة ثلاثة نفر من بني إسرائيل ، أصيب كل واحد منهم ببلاء في جسده ،فأراد الله عز وجل أن يختبرهم ، ليظهر الشاكر من الكافر ، فأرسل لهم مَلَكـًا ، فجاء إلى الأبرص فسأله عن ما يتمناه ، فتمنى أن يزول عنه برصه ، وأن يُعطى لونا حسنا وجلدا حسنا ، فمسحه فزال عنه البرص ، وسأله عن أحب المال إليه ، فاختار الإبل ، فأعطي ناقة حاملاً، ودعا له الملك بالبركة ، ثم جاء إلى الأقرع ، فتمنى أن يزول عنه قرعه ، فمسحه فزال عنه، وأعطي شعرا حسنا ، وسأله عن أحب المال إليه فاختار البقر ، فأعطي بقرة حاملاً ، ودعا الملك له بالبركة ، ثم جاء الأعمى ، فسأله كما سأل صاحبيه ، فتمنى أن يُرَدَّ عليه بصره ، فأعطي ما تمنى ، وكان أحب الأموال إليه الغنم ، فأعطي شاة حاملاً .
ثم مضت الأعوام ، وبارك الله لكل واحد منهم في ماله ، فإذا به يملك واديـًا من الصنف الذي أخذه ، فالأول يملك واديـًا من الإبل ، والثاني يملك واديـًا من البقر ، والثالث يملك واديـًا من الغنم ، وهناجاء موعد الامتحان الذي يفشل فيه الكثير وهو امتحان السراء والنعمة ، فعاد إليهم الملك ، وجاء كلَّ واحد منهم في صورته التي كان عليها ليذكر نعمة الله عليه ، فجاء الأول على هيئة مسافر فقير أبرص ، انقطعت به السبل وأسباب الرزق ، وسأله بالذي أعطاه الجلد الحسن واللون الحسن ، والمال الوفير ، أن يعطيه بعيرًا يواصل به سيره في سفره ، فأنكر الرجل النعمة ، وبخل بالمال ، واعتذر بأن الحقوق كثيرة ، فذكَّره الملك بما كان عليه قبل أن يصير إلى هذه الحال ، فجحد وأنكر ، وادعى أنه من بيت ثراء وغنى ، وأنه ورث هذا المال كابرا عن كابر ، فدعا عليه المَلَك إن كان كاذبـًا أن يصير إلى الحال التي كان عليها ، ثم جاء الأقرع في صورته ، وقال له مثل ما قال للأول ، وكانت حاله كصاحبه في الجحود والإنكار ، أما الأعمى فقد كان من أهل الإيمان والتقوى ، ونجح في الامتحان ، وأقر بنعمة الله عليه ، من الإبصار بعد العمى ، و الغنى بعد الفقر ، ولم يعط السائل ما سأله فقط ، بل ترك له الخيار أن يأخذ ما يشاء ، ويترك ما يشاء ، وأخبره بأنه لن يشق عليه برد شيء يأخذه أو يطلبه من المال ، وهنا أخبره الملك بحقيقة الأمر وتحقق المقصود وهو ابتلاء للثلاثة ، وأن الله رضي عنه وسخط على صاحبيه .
إن هذه القصة تبين بجلاء أن الابتلاء سنة جارية وقدر نافذ ، يبتلي الله عباده بالسراء والضراء والخير والشر ، فتنة واختباراً كما قال سبحانه : { ونبلوكم بالشر والخير فتنة } (الأنبياء 35 ) ، ليتميز المؤمن من غيره ، والصادق من الكاذب :{ألم * أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون } (العنكبوت 1-2 ) فبالفتنة تتميَّز معادن الناس ، فينقسمون إلى مؤمنين صابرين ، وإلى مدَّعين أو منافقين ، وعلى قدر دين العبد وإيمانه يكون البلاء ، وفي المسند عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله ، أي الناس أشد بلاء ؟ قال : ( الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم الأمثل فالأمثل من الناس ، يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه ، وإن كان في دينه رقة خفف عنه ، وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة ) .
كما تشير القصة إلى معنىً عظيم ، وهو أن الابتلاء بالسراء والرخاء قد يكون أصعب من الابتلاء بالشدة والضراء ، وأن اليقظة للنفس في الابتلاء بالخير ، أولى من اليقظة لها في الابتلاء بالشر .
وذلك لأن الكثيرين قد يستطيعون تحمُّل الشدَّة والصبر عليها، ولكنهم لا يستطيعون الصبر أمام هواتف المادَّة ومغرياتها .
كثير هم أولئك الذين يصبرون على الابتلاء بالمرض والضعف ، ولكن قليل هم الذين يصبرون على الابتلاء بالصحة والقدرة .كثيرون يصبرون على الفقر والحرمان فلا تتهاوى نفوسهم ولا تذل ، ولكن قليل هم الذين يصبرون على الغنى والثراء ، وما يغريان به من متاع ، وما يثيرانه من شهوات وأطماع ، كثيرون يصبرون على التعذيب والإيذاء ، ولكن قليلين هم الذين يصبرون على الرغائب والمناصب .
وهذا عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يقول : "ابتُلينا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بالضراء فصبرنا ، ثم ابتلينا بالسَّرَاء بعده فلم نصبر " .
ولعل السر في ذلك أن الشدَّة تستنفر قوى الإنسان وطاقاته ، وتثير فيه الشعور بالتحدِّي والمواجهة ، وتشعره بالفقر إلى الله تعالى ، وضرورة التضرُّع واللجوء إليه فيهبه الله الصبر ، أما السراء ، فإن الأعصاب تسترخي معها ، وتفقد القدرة على اليقظة والمقاومة ، فهي توافق هوى النفس ، وتخاطب الغرائز الفطريَّة فيها ، من حب الشهوات والإخلاد إلى الأرض ، فيسترسل الإنسان معها شيئًا فشيئًا ، دون أن يشعر أو يدرك أنه واقع في فتنة ، ومن أجل ذلك يجتاز الكثيرون مرحلة الشدة بنجاح ، حتى إذا جاءهم الرخاء سقطوا في الابتلاء كما فعل الأبرص والأقرع- ، وذلك شأن البشر ، إلا من عصم الله ، فكانوا ممن قال فيهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ، إن أصابته سراء شكر فكان خيرا له ، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له ) رواه مسلم ، فاليقظة للنفس في حال السراء أولى من اليقظة لها في حال الضراء ، والصلة بالله في الحالين هي وحدها الضمان .
كما تؤكد القصة على أن خير ما تحفظ به النعم شكر الله جل وعلا الذي وهبها وتفضل بها ، وشكره مبنيٌ على ثلاثة أركان لا يتحقق بدونها : أولها الاعتراف بها باطناً ، وثانيها التحدث بها ظاهراً ، وثالثها تصريفها في مراضيه ومحابه ، فبهذه الأمور الثلاثة تحفظ النعم من الزوال ، وتصان من الضياع .

قصة البقرة والذئب """


فمن لها يوم السَّبُع

عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلاة الصبح ، ثم أقبل على الناس فقال : ( بينا رجل يسوق بقرة ، إذ ركبها فضربها ، فقالت : إنا لم نخلق لهذا ؛ إنما خلقنا للحرث ) ، فقال الناس : سبحان الله ! ، بقرة تكلم ؟ ، فقال : ( فإني أومن بهذا ، أنا و أبو بكر وعمر ، وما هما ثَمّ .

وبينما رجل في غنمه ، إذ عدا الذئب ، فذهب منها بشاة ، فطَلَبَ حتى كأنه استنقذها منه ، فقال له الذئب : استنقذتها مني ، فمن لها يوم السَّبُع ، يوم لا راعي لها غيري ؟ ) ، فقال الناس : سبحان الله !ذئب يتكلم ؟ ، فقال : ( فإني أومن بهذا ، أنا و أبو بكر وعمر ، وما هما ثَمّ ) " . متفق عليه واللفظ للبخاري

معاني المفردات
بينا رجل : أي بينما رجل
وما هما ثمّ : أي ليسا حاضرين ، والكلام عائد إلى أبي بكر و عمر رضي الله عنهما
عدا الذئب : هجم على الغنم
استنقذها منه : أي خلّصهما من الذئب
يوم السَّبُع : يوم في آخر الزمان ، ينشغل الناس فيه بالفتن عن أمور معاشهم حتى تعدو السباع على الغنم .

تفاصيل القصّة
اعتراض بقرةٍ ، وشماتة ذئبٍ ، أعجوبتان من أعاجيب القصص التي حدثت في العصور السابقة ، والأمم الغابرة ، وبقيت شاهدةً على عظيم قدرة الله التي لا يعجزها شيء في الأرض ولا في السماء.

وليس الغرض من هذه القصص وأمثالها من الغرائب مجرّد المتعة والتسلية ، أو إشباع الرغبة الإنسانيّة في معرفة كل ما هو عجيب ، بل الغرض منها ما تحمله من دروس نافعة ، وعظات قيّمة ، تعمل على ترسيخ العقيدة وتهذيب الأخلاق ، فتحدث بذلك تصحيحاً للتصوّرات وتقويماً في السلوك .

ولأجل هذا الهدف العظيم كان النبي – صلى الله عليه وسلم – ينتهز كل فرصة في تعليم أصحابه وتوجيههم ، خصوصاً عند اجتماعهم أوقات الصلوات ، وكان منها إخبار النبي عليه الصلاة والسلام بهاتين القصّتين بعد صلاة الفجر من أحد الأيّام .

أما القصّة الأولى ، فتتعلّق برجلٍ كان يملك بقرة ، يستفيد من لبنها ، ويستخدمها في الحرث ونحوها من أعمال الزرع .

وبينما هو في حقله قد أضناه التعب وأجهده المسير ، فكّر في استعمال بقرته في غير ما خُلقت له ، فركبها كما يركب الخيل ، وزجرها لتُسرع ، فإذا بالبقرة تلتفت إليه وتكلّمه بلسان فصيح : " إنا لم نخلق لهذا ؛ إنما خلقنا للحرث " .

إنه أمرٌ عجيب ، خارقٌ للمألوف ، إلى حدٍّ جعل الصحابة يهتفون قائلين : " سبحان الله ! ، بقرة تكلم ؟ " ، وما كان قولهم تكذيباً لما أخبر به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أو إنكاراً له ، حاشاهم أن يصدر منهم ذلك ، ولكنّه كان وليد دهشة أصابتهم ، وحيرة تملّكتهم ، عند سماع الخبر .

ويعقّب النبي – صلى الله عليه وسلم – على ردّ فعلهم بقوله مؤكداً : ( فإني أومن بهذا ، أنا و أبو بكر وعمر ) ثقة بهما ، لعلمه بصدق إيمانهما ، وقوّة يقينهما ، وكمال معرفتهما بالله جلّ وعلا وقدرته .

ولأنّ الشيء بالشيء يُذكر ، أكمل النبي صلى الله عليه وسلم موعظته بذكر حادثة أخرى ، حاصلها أن ذئباً عدا على غنم أحد الرعاة ، فأمسك بإحداها وساقها أمامه ، لكنّ الراعي استطاع أن يلحق بالذئب ويُنقذ شاته ، فجلس الذئب غير بعيدٍ عن الراعي ثم قال : " استنقذتها مني ، فمن لها يوم السبْع ؟ " ، وهو يوم يأتي في آخر الزمان ، حين تقع الفتن ويكثر البلاء ، فيذهل الناس عن مصالح دنياهم ، وتُترك الأنعام هملاً لا راعي لها ، فتعدو عليها الذئاب والسباع ، وهذا هو المقصود بــ :" يوم لا راعي لها غيري " .

ويتعجّب الصحابة مرّة أخرى لسماعهم كلام الذئب ، فيبيّن النبي – صلى الله عليه وسلم – أنّه يؤمن بذلك هو وصاحباه ، على الرغم من عدم وجودهما معه في تلك الجلسة ، للسبب ذاته .

وقفات مع القصّة
إذا تجاوزنا الحديث عن القدرة الإلهيّة المشار إليها في الحديث ، فثمّة إشارة تربوية عظيمة يجدر
الوقوف عندها والتنبيه عليها ، وهي أن البقرة على الرغم من كونها مجرّد حيوان يعيش وفق دوافعه الغريزية ، ويعلم وظيفته في الحياة ، ويدرك أن الله سبحانه وتعالى قد وضع نواميس كونيّة وسنناً إلهيّة لا يجوز العدول عنها أو الانحراف عنها ، فهو بذلك يفضل كثيراً من البشر الذين تعجّ بهم الحياة ، ممّن يجهلون غاية وجودهم ، ولا يلتزمون بالمنهج الربّاني الذي ينظّم سلوكهم وينسّق حركتهم ، حتى إنهم ليصدق عليهم وصف ربنا تبارك وتعالى : { إن هم إلا كالأنعام بل هم أضل سبيلا } ( الفرقان : 44 ) .

ووقفة ثانية حول قضية الإيمان بالغيب ، تلك العلامة الفارقة بين المؤمن الذي يؤمن بكل ما أخبر به رسول الله – صلى الله عليه وسلم – سواءٌ شاهد ذلك أم لم يشاهده ، وسواءٌ عقله وفهمه أم فاق ذلك تصوّره وإدراكه ، ما دام الخبر قد صحّ عن الصادق المصدوق ، وبين الكافر الذي يقف من تلك المغيبات موقف الشاكّ والمرتاب ، ومثلهم أصحاب المذاهب المادّية والمدارس العقلية الذين يقدّمون العقل على النصوص الصحيحة الصريحة ، بحجّة أنها لا تتماشى مع عقولهم القاصرة وأفهامهم السقيمة .

كما يُضمّ هذا الحديث إلى جملة الأحاديث التي تبيّن فضل الصحابيّين الجليلين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وعظيم مكانتهما ، فكانا بحقٍّ نعم الرفيقان للنبي – صلى الله عليه وسلم – في حياته وبعد مماته .


ابو الدرداء الحكيم """""

يوم اقتنع أبو الدرداء -رضي الله عنه- بالإسلام دينا، وبايع الرسول -صلى الله عليه وسلم- على هذا الديـن، كان تاجر ناجحا من تجار المدينة، ولكنه بعد الإيمان بربـه يقول: (أسلمت مع النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- وأنا تاجر، وأردت أن تجتمع لي العبـادة والتجارة فلم يجتمعا، فرفضـت التجارة وأقبلت على العبادة، وما يسرنـي اليوم أن أبيع وأشتري فأربح كل يوم ثلاثمائة دينار، حتى لو يكون حانوتي على باب المسجد، ألا اني لا أقول لكم إن اللـه حرم البيع، ولكني أحـب أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله...
إلى أعلى
جهاده ضد نفسه لقد كان أبو الدرداء -رضي الله عنه- حكيم تلك الأيام العظيمة، تخصصه إيجاد الحقيقة، فآمن بالله ورسوله إيمانا عظيما، وعكف على إيمانه مسلما إليه نفسه، واهبا كل حياته لربه، مرتلا آياته: ...ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين....
كان -رضي الله عنه- يقول لمن حوله: ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند بارئكم، وأنماها في درجاتكم، وخير من أن تغزو عدوكم، فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم، وخير من الدراهم والدنانير ... ذكر الله، ولذكر الله أكبر...
إلى أعلى
ومضات من حكمته وفلسفته
سئلت أمه -رضي الله عنه- عن أفضل ما كان يحب، فأجابت: التفكر والاعتبار... وكان هو يحض إخوانه دوما على التأمل ويقول: تفكر ساعة خير من عبادة ليلة...
وكان -رضي الله عنه- يرثي لأولئك الذين وقعوا أسرى لثرواتهم فيقول: (اللهم اني أعوذ بك من شتات القلب)، فسئل عن شتات القلب فأجاب: (أن يكون لي في كل واد مال)... فهو يمتلك الدنيا بالاستغناء عنها، فهو يقول: من لم يكن غنيا عن الدنيا، فلا دنيا له...
كان يقول: لا تأكل إلا طيبا ولا تكسب إلا طيبا ولا تدخل بيتك إلا طيبا...
ويكتب لصاحبه يقول: ... أما بعد، فلست في شيء من عرض الدنيا، إلا وقد كان لغيرك قبلك، وهو صائر لغيرك بعدك، وليس لك منه إلا ما قدمت لنفسك، فآثرها على من تجمع له المال من ولدك ليكون له إرثا، فأنت إنما تجمع لواحد من اثنين: أما ولد صالح يعمل فيه بطاعة الله، فيسعد بما شقيت به، وأما ولد عاص، يعمل فيه بمعصية الله، فتشقى بما جمعت له، فثق لهم بما عند الله من رزق، وانج بنفسك...
وانه ليقول: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يعظم حلمك، و يكثر علمك، وأن تباري الناس في عبادة الله تعإلى...
عندما فتحت قبرص وحملت غنائم الحرب إلى المدينة، وشوهد أبا الدرداء وهو يبكي، فسأله جبير بن نفير: يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهاه؟... فأجاب أبوالدرداء: ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على الله اذا هم تركوا أمره، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة، لها الملك، تركت أمر الله، فصارت إلى ما ترى... فقد كان يرى الانهيار السريع للبلاد المفتوحة ،وإفلاسها من الروحانية الصادقة والدين الصحيح...
وكان يقول: التمسوا الخير دهركم كله، وتعرضوا لنفحات رحمة الله فان لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، ويؤمن روعاتكم...
في خلافة عثمان، أصبح أبو الدرداء واليا للقضاء في الشام، فخطب بالناس يوما وقال: يا أهل الشام، أنتم الاخوان في الدين، والجيران في الدار، والأنصار على الأعداء، ولكن مالي أراكم لا تستحيون؟؟... تجمعون مالا تأكلون، وتبنون مالا تسكنون، وترجون مالا تبلغون، قد كانت القرون من قبلكم يجمعون فيوعون، ويؤملون فيطيلون، ويبنون فيوثقون، فأصبح جمعهم بورا، وأملهم غرورا، وبيوتهم قبورا... أولئك قوم عاد، ملئوا ما بين عدن إلى عمان أموالا وأولادا... ثم ابتسم بسخرية لافحة: من يشتري مني تركة أل عاد بدرهمين؟!...
إلى أعلى
تقديسه للعلم كان -رضي الله عنه- يقدس العلم كثيرا، ويربطه بالعبادة، فهو يقول: (لا يكون أحدكم تقيا حتى يكون عالما، ولن يكون بالعلم جميلا، حتى يكون به عاملا)...
كما يقول: (ما لي أرى علماءكم يذهبون، وجهالكم لا يتعلمون؟؟... ألا ان معلم الخير والمتعلم في الأجر سواء، ولا خير في سائر الناس بعدهما...
ويقول -رضي الله عنه-: ان أخشى ما أخشاه على نفسـي أن يقال لي يـوم القيامـة علـى رؤوس الخلائق: يا عويمر، هل علمت؟؟... فأقول: نعم... فيقال لي: فماذا عملت فيما علمت؟؟).
إلى أعلى
وصيته
ويوصي أبو الدرداء -رضي الله عنه- بالإخاء خيرا، ويقول: معاتبة الأخ خير لك من فقده، ومن لك بأخيك كله؟... أعط أخاك ولن له، ولا تطع فيه حاسدا فتكون مثله، غدا يأتيك الموت فيكفيك فقده... وكيف تبكيه بعد الموت، وفي الحياة ما كنت أديت حقه؟...
ويقول رضي الله عنه وأرضاه: (اني أبغض أن أظلم أحدا، ولكني أبغض أكثر وأكثر، أن أظلم من لا يستعين علي الا بالله العلي الكبير)...
هذا هو أبو الدرداء، تلميذ النبي -صلى الله عليه وسلم-، وابن الإسلام الأول، وصاحب أبي بكر وعمر ورجال مؤمنين...

كيف احزن وانت ربى ؟؟؟؟

كّــيــف احـّـزن و هـمّي لـه ربّ انــت هّــو ..ان اصّـآبــنــي ..جـ ع ــلـت لـيّ فـي الـتـقــوى مـنـه مخـرجــاً ..(( و من يـتـق الله يجعـل لـه مخرجـاً و يـرزقـه مـن حـيـث لا يحـتـسـب ))
كــيّــف احّــزن .. كّــيـف احّــزن وانــآ ان مـرضـت ..عــنـدك شـفـآئـي و صـحّـتـي و قــوّتــي ..(( الـلهّـمـ انـت الشـآفـي لا شفـآء إلا شـفّــاؤك شـفـآء لا يـغّـآدر سـقـمـاً ))
كــيّــف احّــزن .. و ان ضـآقـت بـي الـدنـيـآ بـمّا رحـبـت ..فـإلـيـكّ مـلجـئي و رآحـتـي ..جـعّـلـت لـي في عـتـمة الأسحـار دعــوة لآ تــرد ..فـــسّـهـآمـ الـليـل لا تـخـطـئ كــيّــف احّــزن .. و انّــت ارحـمـ بــي مــن امـي ..و أرأف بـحـآلي مـن نـفــســي ..حـلــيّــمـ .. رحــيّــم ..عــفّــو .. كــريّــمـ ..
كــيّــف احّــزن .. و ان ضـآق رزقــي و شـحّ ..جـ ع ــلت لـيّ فـي صلاة الـفجـر وفــرتّـه.. و فــي الإستـغـفـآر بــركـتــه ..
كــيّــف احّــزن .. و لـيّ ربّ ..ان شـكّــرتــه عــلى نـعـمه زادنــي ..و ان ظـلـمت نـفـسي اشـتــآق لـسمـآع صـوتـــي و انـتــظّـر عـدتـــي ..(( و ان شـكـرتــم لأزيـدنــكــم ))
كــيّــف احّــزن .. و قــد حـرّمـت الـظـلمـ على نـــفـسّـك ..فــلآ حــبّــيــب الا تــقــيــك ..و لآ بــ ع ــيــد عـنـك الا نــآديــتـه ..و لآ وحّــيــد الآ انـــت مـؤنــسّــه
كــيّــف احّــزن .. و انــت ربّـــي ..الـوآحّــد .. الأحّـــد .. الـصـمّــــد .عـنـدما نـحّـزن او نـتـعـب او نـكـره ..أو تـضيـق بــنـآ الـدنـيـآ ..
نـــــلف ونــــــدوـرـر ...
نفكــــ ،، ــر ونفكـــ ،،ـــر ..
لـمّـن نـذهب .. لـمّن نـشكّـو .. مّـن يـعــيــنـنـآ .. مّـن يُـفـرج عّــنــآ ..
و نــنسـى مّـن بــيـده كـل شـيء ..
الشفـآء .. و الـرزق .. و الـسعـآة .. و الـرآحــة .. و كّـل شـيء ..
فـكّـروآ قـلّـيلاً ..
كـل شـيء ..
نـبـحّـث عـن اي شـيء عـنـد اي احّــد ..
و لآ نـبـحّـث عـنـد من يـملـك كـل شيء ..
تــفـريّــج الهـمّـومـ .. بــركّـة الارزاق ..فـكٍ الـكّـربـآت ..
بـيــده الأمـر كـلّه .. و هـو عـلى كـل شـيء قــديّــر ..
نــشـآهّـــد و نــقّـــرأ ..
مشـآكــل الـنـآس ..
نــفـسيــآتــهــمـ ..
اكّـتــئـــآب ..
رهّــــــآب ...
وســوسـة ..
خـــوّف ..
قــلّـق دآئـمـ ..
و نـنـسى كـلمـآت الـرحّـمن الـشـآفــيـة ..
الـتـي تـنـزل بـنـآ الـسكّـيـنـة و الـطمأنـيـنـة ..
فــتسـري عــبّــرنــآ ..
بــرودة في القّـلـب ..
و تـ ع ــطـيـنــآ لـذة .. لآ تـ ع ــآدلـهآ لـذة ..
و لآ تــشـبه اي لــذة ..
لآ والله ..
فـمّـن يـبـحّـث عـن الـسّعـآدة عـنـد الـنـآس فـلّـن يـجّـدهـآ ..
و مّـن يـبـحّـث عـن الـرآحّـة فـي الـمآل فـلّـن يـجّـدهـآ ..
و مّـن يـبـحّـث عـن المّـلـك فـي الـظـلّـمـ فـهّـو بالتـأكيد لّـن يـجــده ..
و لّـن يـعـطي الله انـسآن شـيـئـاً يـبّـتـغـيـه مـتـجـآوزه عــنــدّ غــيــره ..
يـــآ رب كّـــيــف ابـحّــث عــن حـآجــتـي و هـي عـنـدك ..
و كّـــيــف احّـــزن .. و انـــت ربّـــي

امرأة فرعون ومريم ابنة عمران او امرأة نوح وامرأة لوط من اى نموذج تحبى ان تكونين؟؟؟؟

إن القرآن عندما يسرد لنا تاريخ قوم غابرين، لا يريد بذلك السرد ذكر تاريخهم فقط، فذلك من شأن كتب السير والتاريخ. لكنه إذا ذكر قصص الأمم أراد بذلك العبر والعظات المستفادة من تلك القصص.
فمن ذلك أنه ذكر لنا عن امرأة نوح وامرأة لوط جانبا، كما ذكر عن امرأة فرعون ومريم ابنة عمران جانبا آخر.
فامرأة نوح وامرأة لوط ذكرهما وهما زوجتان لنبيين صالحين.
أما امرأة فرعون فذكرها وهي زوجة عدو الله فرعون مصر، ثم أردفها بذكر مريم ابنة عمران.
هؤلاء النسوة الأربع ذكرهن الله تعالى في سورة التحريم عند قوله تعالى: “ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط، كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما، فلم يغنيا عنهما من الله شيئا، وقيل ادخلا النار مع الداخلين”.
ثم يقول الله تعالى بعد ذلك: “وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله، ونجني من القوم الظالمين، ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين”.
لو تأملنا في هذه الآيات لوجدنا أن الله سبحانه وتعالى يصور لنا نموذجين اثنين:
1- النموذج الأول هو وجود امرأتين غير صالحتين في بيت صالح، وكما رأينا فإن نوحا ولوطا كانا نبيين دعوا ليلا ونهارا إلى اصلاح المجتمع، في حين أن زوجتيهما لم تكونا صالحتين، وقد عبر القرآن بقوله: فخانتاهما، وقد يفهم من هذه الكلمة بأن الخيانة هي الزنا إلا أن المفسرين وضحوا بأن الخيانة هي غير الفاحشة، فزوجات الأنبياء معصومات من الوقوع في الفاحشة.
يقول ابن كثير في تفسيره: فخانتاهما أي لم توافقاهما على الإيمان، ولا صدقتاهما على الرسالة.
ثم قال: وذكر سفيان الثوري عن موسى ابن أبي عائشة عن سليمان بن قرم قال: سمعت ابن عباس يقول: فخانتاهما قال ما زنت، فخيانة امرأة نوح أنها كانت تخبر عنه أنه مجنون، وخيانة امرأة لوط أنها كانت تدل قومها على أضياف لوط.
وقال العوفي عن ابن عباس أيضا انه قال: فخانتاهما أي أنهما كانتا على غير دينهما، فكانت امرأة نوح تطلع على سر نوح فإذا آمن مع نوح أحد أخبرت الجبابرة من قوم نوح.
وأما امرأة لوط فكانت إذا أضاف لوط أحدا أخبرت به أهل المدينة ممن يعمل السوء.
2- النموذج الثاني هو وجود امرأة صالحة في بيت غير صالح كما هي الحال مع آسية بنت مزاحم التي كانت زوجة لفرعون.
إن امرأة فرعون رغم كونها زوجة فرعون الذي كان يدعي الربوبية، فإنها كانت مؤمنة بربها بدليل أنها طلبت من ربها أن يبني لها قصرا في الجنة، وهل تطلب ذلك لو لم تكن مؤمنة بالله وبالجنة؟
وورد في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال لخديجة رضي الله عنها: أما علمت بأن الله قد زوجني معك في الجنة مريم بنت عمران وكلثوم أخت موسى وآسية امرأة فرعون؟ قالت: وقد فعل الله ذلك؟ قال: نعم، قالت: بالرفاء والبنين. أقول: هكذا رواه ابن عساكر في تاريخ دمشق ورواه الطبراني بعبارة أخرى.
دعاء امرأة فرعون وموقفها مثل للاستعلاء على عرض الحياة الدنيا في أزهى صورة، فهي كانت امرأة فرعون أعظم ملوك الأرض يومئذ، وقصره أمتع مكان تجد فيه امرأة ما تشتهي، ولكنها استعلت على هذا بالايمان وطلبت النجاة.
ثم ضرب الله مثلا بمريم ابنة عمران التي كانت مثالا للتجرد لله منذ ولادتها، فهي التي أحصنت فرجها وليست كما تدعي اليهود.
أقول: ومن هذين النموذجين يمكن أن نخرج بأن العبرة ليست بالمكان بل بالمكين، فقصر فرعون لم يتشرف بفرعون بل بآسية.
ثم إن امرأة نوح وامرأة لوط لم تستفيدا عند الله من صلاح زوجيهما الصالحين، بل قال الله لهما: ادخلا النار مع الداخلين، ذلك أنه كل نفس بما كسبت رهينة.
ومقارنة امرأة فرعون هنا بمريم ابنة عمران تدل على المكانة العالية التي تتمتع بها آسية عند رب العالمين.
هذان النموذجان عندما ذكرهما الله في سورة التحريم لهما علاقة ببداية السورة حيث تحدثت عن زوجات الرسول اللاتي كانت تظهر منهن بعض المشاحنات أحيانا، فكأن الله يريد أن يقول لهن: لا يغركن أنكن زوجات للرسول وبذلك تدخلن الجنة، كلا فالجنة لمن أطاعت زوجها، وكيف لو كان هذا الزوج هو رسول الله؟ أليس مطلوباً منكن أن تكن أكثر استقامة؟
أقول: وفي هذا درس لنساء اليوم أيضا، فكثير منهن ناشزات لأزواجهن رغم أنهن يفتخرن بأنهن زوجات فلان وعلان وربما يصلين على أكمل وجه أيضا لكنهن ناشزات. وكثير منهن مظلومات أيضا عند أزواجهن حيث يجبرونهن على المعاصي وهن قانتات عابدات، ألا فلتتق الله أولئك في أزواجهن، وليتق الله هؤلاء في زوجاتهم.

قصة النملة والنبى


عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( نزل نبي من الأنبياء تحت شجرة فلدغَتْهُ نملةٌ ، فأمر بجهازه فأُخرج من تحتها ، ثم أمر ببيتها فأُحرق بالنار ، فأوحى الله إليه : فهلا نملةٌ واحدة ؟ ) متفق عليه .
وفي رواية لمسلم : ( فأوحى الله إليه أفي أن قرصتك نملة أهلكت أمة من الأمم تسبح ؟ ) .
معاني المفردات فأمر بجهازه : الجهاز هو المتاع فلدغته : أي قرصتهفهلا نملة واحدة : فهل اكتفيت بنملة واحدةأفي أن قرصتك نملة : أمن أجل نملة واحدة قرصتك
تفاصيل القصة ( الإصلاح ) قضيّةٌ تلتقي فيها الديانات السماويّة كلّها ، ومحورٌ تدور حوله مناهجها وشرائعها ، فقد جاءت التوجيهات والنصائح تدعو إلى إعمار الكون وتوجيه الطاقات البشريّة نحو البناء لا الهدم ، والتشييد لا التخريب ، وإن الدعوة إلى المحافظة على صور الحياة وأشكالها ، والمناداة برعايتها والاهتمام بها ، خير شاهد على ذلك .
وعلى العكس ، فإن الفساد والإفساد في الأرض مهما كان نوعه أو بلغ حجمه ، فإنه سلوك مرفوض يبغضه الله تعالى وتأباه الفطر السليمة ، كما جاء تقريره في قوله تعالى : { والله لا يحب الفساد } ( البقرة : 205 ) .
وتأسيسا لما تقدّم ، يعرض لنا النبي – صلى الله عليه وسلّم – في الحديث المتّفق على صحّته ، قصّة نبيّ بُعث في الأمم السابقة ، جاءه العتاب الإلهيّ حينما أهلك قريةً كاملة من النمل!! .
كان هذا في يومٍ سار فيه ذلك النبيّ الكريم في بعض حاجته حتى أضناه المسير ، فنزل تحت شجرةٍ طلباً للراحة وتجديد النشاط ، ثم جعل متاعه على مقربة منه .
ويقدّر الله أن يجلس ذلك النبي فوق قريةٍ من قرى النمل ، فانطلقت إحداها مدفوعةً بغريزتها لتحمي مملكاتها ، فكان أن قرصت النبي قرصةً آلمته .
ويبدو أن تلك القرصة كانت مؤلمة للغاية ، إلى حدٍّ جعلت النبيّ يغضب غضباً شديداً ، فلم يكتف بقتل تلك النملة جزاءً على أذيّتها ، بل أمر بإحراق القرّية كلّها .
ويوحي الله إلى ذلك النبي معاتباً وموبّخا : ألأجل نملةٍ واحدةٍ آذتك في نفسك ، تُهلك أمّة كاملة تسبّح الله في غدوّها وعشيّها ؟ .

قصة العابد وامة


قصة العابد وامة
كان في الأمم السابقة أولياء صالحون ، وعباد زاهدون ، وكان جريج العابد أحد هؤلاء الصالحين الذين برَّأهم الله عز وجل ، وأظهر على أيديهم الكرامات ، بعد أن تربص به المفسدون ، وحاولوا إيقاعه في الفاحشة ، وتشويه سمعته بالباطل ، وقد قص علينا خبره - نبينا صلى الله عليه وسلم – في الحديث الذي رواه البخاري و مسلم عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال : ( لم يتكلم في المهد إلا ثلاثة ، عيسى ابن مريم ، وصاحب جريج ، وكان جريج رجلا عابدا ، فاتخذ صومعة فكان فيها، فأتته أمُّه وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : يا رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فانصرفت ، فلما كان من الغد أتته وهو يصلي ، فقالت : يا جريج ، فقال : أي رب أمي وصلاتي ، فأقبل على صلاته ، فقالت : اللهم لا تمته حتى ينظر إلى وجوه المومسات ، فتذاكر بنو إسرائيل جريجا وعبادته ، وكانت امرأة بغي يُتَمثَّلُ بحسنها ، فقالت : إن شئتم لأفْتِنَنَّه لكم ، قال : فتعرضت له فلم يلتفت إليها، فأتت راعيا كان يأوي إلى صومعته ، فأمكنته من نفسها ، فوقع عليها ، فحملت ، فلما ولدت قالت : هو من جريج ، فأتوه فاستنزلوه ، وهدموا صومعته ، وجعلوا يضربونه ، فقال : ما شأنكم ، قالوا : زنيت بهذه البغي فولدت منك ، فقال : أين الصبي ، فجاءوا به ، فقال : دعوني حتى أصلي ، فصلى ، فلما انصرف أتى الصبي فطَعَنَ في بطنه ، وقال : يا غلام ، من أبوك ؟ قال : فلان الراعي ، قال : فأقبلوا على جريج يقَبِّلونه ويتمسحون به، وقالوا : نبني لك صومعتك من ذهب ، قال : لا ، أعيدوها من طين كما كانت ، ففعلوا )

العقار والذهب ؟ مين ياترى فينا بيعمل كدة الى مارحم ربى ؟


عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال : ( اشترى رجل من رجل عقاراً له ، فوجد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرّة فيها ذهب ، فقال له الذي اشترى العقار : خذ ذهبك مني ؛ إنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع منك الذهب ، وقال الذي له الأرض : إنما بعتك الأرض وما فيها ، فتحاكما إلى رجل ، فقال الذي تحاكما إليه : ألكما ولد ؟ ، قال أحدهما : لي غلام ، وقال الآخر : لي جارية ، قال : أنكحوا الغلام الجارية ، وأنفقوا على أنفسهما منه ، وتصدقا ) متفق عليه .
معاني المفردات أبتع منك الذهب : أي : أشتري منك الذهبألكما ولد : أي : ألكل منكما ولدعقاراً له : العقار هو المنزل والضيعة
تفاصيل القصّة يصطرع الناس فتات الدنيا ، وتنشب بينهم الخلافات ، ثم ينتهي الأمر إلى الازدحام عند أبواب المحاكم ، والوقوف أمام القضاء ، ليُدلي كلٌ بحجّته ، ويقدّم أدلّته ، مدّعياً أنه صاحب الحق ، وأن خصمه يريد سلبه ونهبه ، وأخذ ما ليس له .مشهدٌ مألوف وموقف معتاد يتكرّر يوميّاً في دنيا الناس ، لكنّ العجب كلّ العجب أن ينشأ الخلاف ويحتدم النقاش بين رجلين ، حتى تتعالى أصواتهما ، ويترافعا عند القاضي ، ليقول كلّ واحد منهما : " إن خصمي هو صاحب الحقّ ، وإنه يريد أن يعطيني ما ليس لي " فحقّ للعقل حينها أن تعصف به الحيرة وتأخذه الدهشة .وليس الحديث عن ذلك من نسج الخيال أو إلهام الفكر ، ولكنّه أنموذجٌ فريد وبارقة نجمٍ في سماء الحضارات السابقة ، لرجال تسوّروا العزّ وتبوّؤوا المجد ، حينما صاغهم الدين وربّاهم الأنبياء ، فطهرت سرائرهم ، واستقامت ظواهرهم .وكانت البداية حينما أراد رجلٌ أن يبيع عقاراً له ، فبحث عن مشترٍ له ، حتى أبدى أحدهم إعجابه بالعقار واستعداده لنقد الثمن ، فتمّ البيع وعُقدت الصفقة .وانتقل المشتري إلى عقاره الجديد فرحاً به ، فجعل يهيّئه ويعدّه للسكنى ، وبينما كان يقوم بالحفر في أحد نواحي داره إذا بفأسه تصطدم بجرّة ، ولمّا أخرجها وجدها مملوءةً ذهباً ، تثقل اليد عن حملها ، إنها جرّة تُؤذن بوداع حياة الفقر ، وتكفل لصاحبها أن يكون في مصافّ الأغنياء ، ليهنأ بالعيش الرغيد ، والنعمة الواسعة ، والرفاهية المطلقة .
لكنّ نوازع الأمانة ومعاني الورع كانت أعظم في نفسه ، فلم يلتفت إلى بريق الذهب ولمعانه ، بل كان شغله الشاغل أن يُرجع المال لصاحبه ، وهكذا انطلق من لحظته ليدفع له الجرّة قائلا : ( خذ ذهبك مني ؛ إنما اشتريت منك الأرض ولم أبتع منك الذهب! ) .
وإذا كانت أمانة هذا الرّجل وقناعته مثار إعجاب ومحطّ استحسان ، فإن العجب يتعاظم من موقف صاحبه الذي أعاد له المال قائلاً : ( إنما بعتك الأرض وما فيها ) .
وقام الرجلان يتدافعان الجرّة ، كلٌّ يدّعي أن صاحبه أحقّ بها ، وبعد نقاشٍ دام طويلاً اتفقا على أن يُحكّما بينهما رجلاً ، فوقفا بين يديه ، وعرض الأوّل وجهة نظره ، وعرض الثاني رأيه وقوله .
نظر الحَكَم إليهما مُعجباً بسموّ أخلاقهما وعظيم نبلهما ، ورأى أن هذه النماذج الفريدة جديرةٌ بأن يلتئم شملها تحت مظلّة واحدة ، تربط بينها أواصر النسب ووشائج المصاهرة ، وقد وجد بغيته حينما علم أن للأوّل غلاماً وللثاني جارية لم يتزوّجا بعد ، فأصدر حكمه : ( أنكحوا الغلام الجارية ، وأنفقوا على أنفسهما منه ، وتصدّقا ) .
وقفات مع القصّة تبقى القصة بكل أبعادها وأحداثها ، وألفاظها ومدلولاتها تشكّل سِفْراً مفتوحاً لكل قاريء ليأخذ منها الدروس ويستلهم منها العبر .وأوّل ما يلفت النظر ويشدّ الانتباه ، خلق القناعة الذي ظهر في الأوّل ، ومعاني العفّة والتنزّه التي بدت عند الثاني ، ثم الحكم الذي يظهر فيه حسن الفهم وسداد الرأي عند الثالث ، حتى يحار المرء : أيّهم أفضل من الآخر .
كما يظهر في القصّة ما تعود به القناعة على صاحبها من الخير والبركة ، فهي كنزٌ لا يفنى ، وذخيرةٌ لا تنضب ، والنبي – صلى الله عليه وسلم – يقول: ( ليس الغنى عن كثرة العَرَض – أي : متاع الدنيا - ولكن الغنى غنى النفس ) رواه البخاري ، ويقول أيضاً : ( وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس ) رواه الترمذي .
وفي ألفاظ القصّة دعوة ضمنيّةٌ للناس إلى أداء الأمانات وإرجاع الودائع ، وهي قضيّة تناولها القرآن وأكّد على أهمّيتها في قول الحقّ سبحانه : { إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها } ( النساء : 58 ) .
وآخر ما نختم به دلالة القصّة على إمكانيّة الاحتكام إلى من كان ذا حظّ من العلم والعقل ، ما يعينه على تحقيق العدل وإصابة الحقّ.

الاثنين، 30 مارس 2009

ابو الدرداء الحكيم

يوم اقتنع أبو الدرداء -رضي الله عنه- بالإسلام دينا، وبايع الرسول -صلى الله عليه وسلم- على هذا الديـن، كان تاجر ناجحا من تجار المدينة، ولكنه بعد الإيمان بربـه يقول: (أسلمت مع النبـي -صلى اللـه عليه وسلم- وأنا تاجر، وأردت أن تجتمع لي العبـادة والتجارة فلم يجتمعا، فرفضـت التجارة وأقبلت على العبادة، وما يسرنـي اليوم أن أبيع وأشتري فأربح كل يوم ثلاثمائة دينار، حتى لو يكون حانوتي على باب المسجد، ألا اني لا أقول لكم إن اللـه حرم البيع، ولكني أحـب أن أكون من الذين لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله...
جهاده ضد نفسه لقد كان أبو الدرداء -رضي الله عنه- حكيم تلك الأيام العظيمة، تخصصه إيجاد الحقيقة، فآمن بالله ورسوله إيمانا عظيما، وعكف على إيمانه مسلما إليه نفسه، واهبا كل حياته لربه، مرتلا آياته: ...ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين....
كان -رضي الله عنه- يقول لمن حوله: ألا أخبركم بخير أعمالكم، وأزكاها عند بارئكم، وأنماها في درجاتكم، وخير من أن تغزو عدوكم، فتضربوا رقابهم ويضربوا رقابكم، وخير من الدراهم والدنانير ... ذكر الله، ولذكر الله أكبر...
إلى أعلى
ومضات من حكمته وفلسفته
سئلت أمه -رضي الله عنه- عن أفضل ما كان يحب، فأجابت: التفكر والاعتبار... وكان هو يحض إخوانه دوما على التأمل ويقول: تفكر ساعة خير من عبادة ليلة...
وكان -رضي الله عنه- يرثي لأولئك الذين وقعوا أسرى لثرواتهم فيقول: (اللهم اني أعوذ بك من شتات القلب)، فسئل عن شتات القلب فأجاب: (أن يكون لي في كل واد مال)... فهو يمتلك الدنيا بالاستغناء عنها، فهو يقول: من لم يكن غنيا عن الدنيا، فلا دنيا له...
كان يقول: لا تأكل إلا طيبا ولا تكسب إلا طيبا ولا تدخل بيتك إلا طيبا...
ويكتب لصاحبه يقول: ... أما بعد، فلست في شيء من عرض الدنيا، إلا وقد كان لغيرك قبلك، وهو صائر لغيرك بعدك، وليس لك منه إلا ما قدمت لنفسك، فآثرها على من تجمع له المال من ولدك ليكون له إرثا، فأنت إنما تجمع لواحد من اثنين: أما ولد صالح يعمل فيه بطاعة الله، فيسعد بما شقيت به، وأما ولد عاص، يعمل فيه بمعصية الله، فتشقى بما جمعت له، فثق لهم بما عند الله من رزق، وانج بنفسك...
وانه ليقول: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن يعظم حلمك، و يكثر علمك، وأن تباري الناس في عبادة الله تعإلى...
عندما فتحت قبرص وحملت غنائم الحرب إلى المدينة، وشوهد أبا الدرداء وهو يبكي، فسأله جبير بن نفير: يا أبا الدرداء، ما يبكيك في يوم أعز الله فيه الإسلام وأهاه؟... فأجاب أبوالدرداء: ويحك يا جبير، ما أهون الخلق على الله اذا هم تركوا أمره، بينما هي أمة قاهرة ظاهرة، لها الملك، تركت أمر الله، فصارت إلى ما ترى... فقد كان يرى الانهيار السريع للبلاد المفتوحة ،وإفلاسها من الروحانية الصادقة والدين الصحيح...
وكان يقول: التمسوا الخير دهركم كله، وتعرضوا لنفحات رحمة الله فان لله نفحات من رحمته يصيب بها من يشاء من عباده، وسلوا الله أن يستر عوراتكم، ويؤمن روعاتكم...
في خلافة عثمان، أصبح أبو الدرداء واليا للقضاء في الشام، فخطب بالناس يوما وقال: يا أهل الشام، أنتم الاخوان في الدين، والجيران في الدار، والأنصار على الأعداء، ولكن مالي أراكم لا تستحيون؟؟... تجمعون مالا تأكلون، وتبنون مالا تسكنون، وترجون مالا تبلغون، قد كانت القرون من قبلكم يجمعون فيوعون، ويؤملون فيطيلون، ويبنون فيوثقون، فأصبح جمعهم بورا، وأملهم غرورا، وبيوتهم قبورا... أولئك قوم عاد، ملئوا ما بين عدن إلى عمان أموالا وأولادا... ثم ابتسم بسخرية لافحة: من يشتري مني تركة أل عاد بدرهمين؟!...

تقديسه للعلم كان -رضي الله عنه- يقدس العلم كثيرا، ويربطه بالعبادة، فهو يقول: (لا يكون أحدكم تقيا حتى يكون عالما، ولن يكون بالعلم جميلا، حتى يكون به عاملا)...
كما يقول: (ما لي أرى علماءكم يذهبون، وجهالكم لا يتعلمون؟؟... ألا ان معلم الخير والمتعلم في الأجر سواء، ولا خير في سائر الناس بعدهما...
ويقول -رضي الله عنه-: ان أخشى ما أخشاه على نفسـي أن يقال لي يـوم القيامـة علـى رؤوس الخلائق: يا عويمر، هل علمت؟؟... فأقول: نعم... فيقال لي: فماذا عملت فيما علمت؟؟).

وصيته
ويوصي أبو الدرداء -رضي الله عنه- بالإخاء خيرا، ويقول: معاتبة الأخ خير لك من فقده، ومن لك بأخيك كله؟... أعط أخاك ولن له، ولا تطع فيه حاسدا فتكون مثله، غدا يأتيك الموت فيكفيك فقده... وكيف تبكيه بعد الموت، وفي الحياة ما كنت أديت حقه؟...
ويقول رضي الله عنه وأرضاه: (اني أبغض أن أظلم أحدا، ولكني أبغض أكثر وأكثر، أن أظلم من لا يستعين علي الا بالله العلي الكبير)...
هذا هو أبو الدرداء، تلميذ النبي -صلى الله عليه وسلم-، وابن الإسلام الأول، وصاحب أبي بكر وعمر ورجال مؤمنين...